الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن التدخين مُحرم شرعاً؛ لكونه خبيثاً، ومشتملاً على أضرار كثيرة، ومفاسد عظيمة، والله عزوجل إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغير ذلك، وحرَّم عليهم كل خبيث، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]، ومعلوم لدى كل عاقل أن التدخين من جملة الخبائث؛ لكونه مشتملاً على مواد ضارَّة.
وقد أجمع العالم بأسره -مسلمون وكفار- على الاعتراف بأضراره الخطيرة، وأنه تجب محاربته، والتضييق عليه؛ لما ثبت طبياً في أبحاث عالمية أن التدخين يسبب أنواعاً عديدة من السرطان، أهمها سرطان الرئة، وهو مرض نادر جداً بين غير المدخنين، ونسبة الإصابة به تزداد بازدياد عدد السجائر المستهلكة، وازدياد مدة التدخين، وتقل هذه النسبة تدريجياً عند الإقلاع عن التدخين، مما يثبت العلاقة المباشرة بين التدخين وسرطان الرئة.
ويسبب أيضاً سرطان الشفة، وسرطانات الفم، بما فيها اللسان، وسرطان الحنجرة. كما أن هناك دراسات تدل على أن التدخين هو أحد مسببات سرطان المريء والمثانة، والتدخين يسبب تقلصاً في شرايين القلب؛ مما يسبب الذبحة القلبية؛ فالأبحاث الطبية قد أظهرت -بطريقة غير قابلة للجدل- التأثير السيئ للتدخين على القلب وشرايينه؛ إذ إن مادة النيكوتين تذوب في اللعاب، وتمتص بواسطة الدم، وتسبب تقلصاً واضحاً في شرايين القلب وباقي شرايين الجسم، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:175]، و(روى مالك) في "موطأه" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار"، ومن القواعد المقررة في الشرع أن الضرر يزال.
وهو بهذا سُمٌّ من السموم القاتلة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " َمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فيها أَبَدًا"، (متفق عليه) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
كما أن التدخين مهلكة للمال، الذي جعله الله قياماً للحياة وسَيُسأل عنه الإنسان يوم القيامة؛ فقد روى الترمذي عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره؛ فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه"، ولا شك أن إنفاق المال في هذا الأمر يعد أمراً محرَّماً؛ لأنه في الحقيقة حرق له.
وقد سئل العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله عن حكم التدخين فقال: "التدخين محرم، لما فيه من المضار الكثيرة وكل أنواعه محرمة، فالواجب على المسلم تركه، والحذر منه، وعدم مجالسة أهله".
فيجب عليك ترك السجائر، والإقلاع عنها، والمبادرة إلى التوبة، والإنابة إلى الله، والندم على هذه المعصية، والعزم على ألا يعود إليها أبداً، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه"، واللهَ نسأل أن يتوب عليك من تلك المعصية،، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ موقع الألوكة